بسكنتا، بلدة الأدب والشعر في لبنان.
هي جارة جبل صنّين، بلدة التفاح والكرز، مسقط رأس أهم الأدباء والشعراء اللبنانيين الذين تعلّقوا بها وكتبوا الأشعار لها، يتواجد فيها أعلى نبع في لبنان و أعلى حرج صنوبري في الشرق الأوسط، إنّ هذه البلدة هي بلدة بسكنتا !
موقع بلدة بسكنتا:
تقع بلدة بسكنتا في قضاء المتن الشمالي وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. تمتدّ البلدة على مساحة ٤٨ كيلومتر مربّع. ترتفع بسكنتا عن سطح البحر ارتفاع يتراوح بين ٨٠٠ متراً عند وادي الجماجم و ٢٦٢٨ متراً عند قمّة جبل صنّين فيما يبلغ الارتفاع في ساحة البلدة حوالي ١٢٠٠ متراً. تبعد البلدة عن عاصمة لبنان بيروت ٤٣ كيلومتراً و يقدّر عدد سكان البلدة حوالي ١٧ ألف نسمة تقريباً.
تاريخ ومميزات بلدة بسكنتا:
يعود تاريخ بلدة بسكنتا إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وقد مرّت بالكثير من العصور القديمة التي تركت فيها العديد من الآثار والمعالم التي تدلّ عليها. بدايةً مع وجود عدّة معابد فينيقية كانت قديماً موجودة في أعلى البلدة وصولاً إلى المعالم التي تم تحويلها في عهد اليونان والرومان من معابد إلى قصور وحصون أثرية. تتميّز البلدة بمناخها المنعش والجميل صيفاً خاصةً مع وجود طبيعتها الخلّابة التي تتمثّل بالينابيع والبساتين الخضراء الخصبة. أمّا شتاؤها فهو بارد مع وجود الثلوج التي تملأ البلدة وتجعل منها مقصد التزلّج والسياحة في فصل الشتاء.
سبب تسمية بلدة بسكنتا:
على حسب شرح كتاب تاريخ بسكنتا نجد شرحين اثنين. بناءً على التفسير الأول فيعود اسم البلدة إلى اللغة السريانية التي تعني بيت العدل أو بيت القضاء. أمّا التفسير الثاني فيقول أن كلمة بسكنتا هي كلمة سريانية تلفظ على الشكل التالي بيت كينوت وتعني بيت الأبرار.

يعود تاريخ بلدة بسكنتا إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وقد مرّت بالكثير من العصور القديمة
غابة الصنوبر في بسكنتا:
هي أعلى حرج صنوبري في الشرق الأوسط حيث يبدأ ارتفاعها عن سطح الأرض بدايةً من ١٢٢٩ متراً وصولاً إلى ١٧٣٢ متراً. يعتبر هذا الحرج من أبرز الدلائل على التنوع البيولوجي حيث يعيش فيه العديد من الحيوانات إضافةً إلى الأشجار المتنوعة التي تملؤه. يستطيع الزوار ممارسة رياضة السير والتجول في أرجاء الحرج كما يمكن لمجموعات الكشافة التخييم و قضاء ليلة فيه.
بلدة بسكنتا وفن العمارة الأثرية:
مازالت بلدة بسكنتا حتى يومنا هذا تحتفظ بطابع العمارة الأثري القديم الذي يعكس تاريخها وتراثها العريق. تملأ البلدة البيوت القديمة المتوّجة بالقرميد الأحمر والمزيّنة بالقناطر الجميلة. صنعت هذه البيوت من الحجر وتلوّنت شبابيكها بألوان عديدة أضافت رونقاً خاصاً بهذه البلدة الساحرة.
درب الأدب في بسكنتا:
أقامت جمعية درب الجبل اللبناني منذ عدّة سنوات مشروع درب الجبل الذي يتمثّل بإنشاء دروب للسير في معظم البلدات اللبنانية لإحياء السياحة الريفية وتعزيزها أكثر فأكثر. الدرب الأدبي في بسكنتا هو أحد هذه الدروب وقد أقيم تكريماً للأدباء والكتاب اللبنانيين الذين ولدوا وترعرعوا في بسكنتا. يبلغ طول الدرب ٢٤ كيلو متر ويبدأ من محطّة ميخائيل نعيمة مروراً بمغارة سيف الدولة، كنيسة الخلّة ومنزل سليمان الكتاني ونهر الحصن وصولاً إلى مركز عبد الله الثقافي.

يعود اسم البلدة إلى اللغة السريانية التي تعني بيت العدل أو بيت القضاء.
مركز عبد الله الثقافي:
هو من أهم المراكز الثقافية اللبنانية التي تم إدراجها في قائمة المتاحف السياحية في لبنان. تم تأسيسه في عام ٢٠١١ وافتتح في ١٤ آب ٢٠١١. يحتوي المركز على مؤلفات الأديب عبد الله غانم ورسوماته. بالإضافة إلى بعض الأشعار والكتابات لأدباء آخرين مثل ميخائيل نعيمة، رشيد أيوب، أمين معلوف، سليمان كتّاني وجورج وروبير غانم. يتألّف المركز من أربعة طوابق جميعها تحتوي على أشعار ومؤلفات للكتّاب اللبنانيين الذين ذكروا. في المركز تمثال للأديب عبدالله غانم، غرف للاجتماعات الخاصة ، قاعة الندوات الثقافية المفتوحة للجميع و مكتبة كبيرة تحتوي على ١٢ ألف كتاب وتجمع بين العلوم والمعرفة والأدب. تحيط بالمركز حديقة عبد الله غانم التي تم إنشاؤها عن طريق مشروع درب الجبل اللبناني. في فصل الشتاء يفتح المركز من الساعة ١٠ حتى الساعة ٥ في جميع أيام الأسبوع باستثناء نهار الإثنين والخميس أمّا في فصل الصيف فيفتح المركز من الساعة ٩ حتى الساعة ٧ مساءً في كل أيام الأسبوع ما عدا يوم الإثنين.
ينابيع بلدة بسكنتا:
تتواجد في بلدة بسكنتا العديد من الينابيع التي تسقي من مياهها العذبة جميع بساتين وجنائن بسكنتا. من أبرز هذه الينابيع نبع صنّين الذي يعتبر الأكثر غزارةً في البلدة والذي حظي بشهرة واسعة حيث تغنّى به الكثير من الشعراء والأدباء اللبنانيين. نبع باكيش الذي يعدّ أعلى نبع في لبنان والذي يقع على ارتفاع ١٧٠٠ متراً. بالإضافة إلى نهر الجوزات، نهر جعفر ونهر العاصي التي تلتقي جميعها في وادي الجماجم ومنه تتّجه إلى نهر الكلب.
السياحة الدينية في بسْكنتا :
توجد في بلدة بسكنتا العديد من الكنائس الأثرية. التي يبلغ عددها حوالي ١٧ كنيسة ودير. أهم هذه الكنائس هي كنيسة مار يوسف، كنيسة مار ساسين، كنيسة مار روكز وكنيسة مار جريس. تبقى كنيسة السيدة الكنيسة الأقدم في بسكنتا و قضاء المتن أيضاً. بنيت كنيسة السيدة في عام ٦٥٠ ولكنّها تهدّمت في عصر المماليك لذلك قام أبناء بسكنتا بإعادة بنائها في عام ١٧١٢ وقاموا بتجديدها في عام ١٩٠٦ وأطلقوا عليها لقب أم الكنائس في بسكنتا.

مازالت بلدة بسكنتا حتى يومنا هذا تحتفظ بطابع العمارة الأثري القديم الذي يعكس تاريخها وتراثها العريق
زراعة بسْكنتا :
بالرغم من وعورة صخور بسكنتا إلّا أنّ إرادة أبناءها القوية استطاعت التغلب على جغرافية البلدة الصخرية. وقامت بزراعة الكثير من أنواع الفاكهة، الخضار، الحبوب والصنوبر. تشتهر بساتين وأراضي بسْكنتا الزراعية بزراعة أجود أنواع الفاكهة مثل الخوخ والدراق والعنب الذي يتم عصره. وتحويله إلى نبيذ ودبس في معاصر محفورة داخل صخور البلدة. أبرز أنواع الفاكهة التي تزرع في البلدة هي التفاح والكرز التي تنمو في أراضي بسكنتا بكثرة وتجعل منها بلدة فريدة عن غيرها بالزراعة.
مهرجانات بسْكنتا :
مثل كل بلدة لبنانية تسعى لتعزيز قطاعها السياحي. تقوم بلدة بسْكنتا بتنظيم مهرجانات صيفية غنائية لإحياء مناسبات وطنية كمهرجان عيد الجيش الذي أقيم منذ عدّة سنوات بحضور فنانين لبنانيين. كما يقام في بسْكنتا مهرجان الشتاء الميلادي على الطراز الأوروبي لإحياء عيد الميلاد المجيد في أرجاء البلدة.