أفقا، بلدة الشلالات والأساطير!
هي بلدة لبنانية تحمل في أرجائها أسطورة تاريخية قديمة، هي بلدة الينابيع والشلالات التي تسقي أكثر من ٢٩٠ بلدة لبنانية، هي ثروة الفاكهة الجردية مثل الكرز والتفاح والإجاص، على ضفاف أنهارها وشلالاتها تقوم أجمل وأفخم المطاعم اللبنانية مثل مطعم الشلالات الزرقاء الذي يحظى بشهرة واسعة في لبنان والعالم أجمع. إنّ هذه البلدة الساحرة هي بلدة أفقا !
موقع بلدة أفقا:
تقع أفقا في قضاء جبيل وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. تمتدّ البلدة على مساحة ٩,٣٤ كيلومتر مربّع. ترتفع عن سطح البحر ارتفاع يتراوح بين ١١٤٠ و ٢٠٠٠ متراً. تبعد أفقا عن عاصمة لبنان بيروت حوالي ٧١ كيلومترًا فيما تبعد عن مدينة جبيل مركز القضاء ٣٨ كيلومتراً.
سبب تسمية بلدة أفقا:
يعتقد بعض المؤرخين وأبناء البلدة أنّ أفقا هي كلمة تعني الإحاطة والحمى لأنها كانت تشكّل حمى للإله أدونيس. أمّا القسم الآخر فقد ردّ اسم أفقا إلى اللغة الفينيقية والتي تعني المياه المتدفقة. كما أنّ اسم أفقا باللغة الآرامية يرمز إلى تفسير اللغة الفينيقية نفسه.
تاريخ وأسطورة أفقا:
تعتبر بلدة أفقا بلدة أهم الأساطير التي مرّت على العصور منذ القدم. هي بلدة أسطورة الإله أدونيس وعشتروت التي ما زالت إلى يومنا معروفة ومشهورة. في زمن الفينيقيين كان الإله أدونيس هو فتى فائق الجمال تخاف عليه قبيلته وترافقه في أي مكان وكان يعشق عشتروت. في يوم من الأيام أراد أدونيس أن يصطاد خنزير برّي على ضفاف نهر ابراهيم الذي كان يلقّب نهر أدونيس. تلك المرّة فقط لم ترافق القبيلة الإله أدونيس في رحلة صيده لكن مع الأسف تم قتل الإله أدونيس على يد الخنزير البري وتلوّثت مياه نهر أدونيس بدمائه.

هي بلدة لبنانية تحمل في أرجائها أسطورة تاريخية قديمة، هي بلدة الينابيع والشلالات التي تسقي أكثر من ٢٩٠ بلدة لبنانية
شلالات ومغارة أفقا:
تعتبر بلدة ألقا من أجمل البلدات اللبنانية ويعود ذلك بفضل اللوحة الطبيعية الساحرة التي ترسمها أفقا أمام الزائرين ابتداءً من الشلالات والينابيع، المغاور والمساحات الخضراء التي تملؤها. إنّ مغارة أفقا هي من أهم وأقدم المعالم الطبيعية والتاريخية الموجودة في البلدة. يعود تاريخها إلى آلاف السنين وهي مغارة تحتوي على تجاويف وكهوف يتم الصعود إليها من خلال درج مجهّز يقوم بإيصال الزائر إلى قلب المغارة. من داخل المغارة ينبع شلال ونهر ابراهيم الذي كان سابقاً نهر أدونيس وهو من أصفى وأنظف المياه وأكثرها غزارة. كلما نزلنا أكثر يمكننا أن نجد شلالات عديدة ونلاحظ وجود قنطرة رومانية قديمة يتدفق منها شلال على ارتفاع ١٠ أمتار تقريباً ويصبّ في البركة الزرقاء المشهورة في البلدة وهي بركة كبيرة تتميّز بلونها الأزرق بسبب نقاوة المياه فيها وصفائها. تحظى هذه البركة بزيارة آلاف الناس كل عام لكي يمارسوا هواية السباحة فيها والتقاط الصور.
معبد أدونيس وعشتروت:
هو معبد أثري قديم يحمل في أحجاره أهمية تاريخية وتراثية فريدة من نوعها. بسبب العوامل الطبيعية التي مرّت على البلدة تعرّض المعبد للهدم والسقوط ولكنّه احتفظ بأهميته ومازال يستقطب الكثير من الزوار من مختلف بلاد العالم الذين يأتون لرؤية هذا المعبد ويشعروا بالأسطورة التي ترمز إلى الحب والجمال. أقيم على أنقاض المعبد كنيسة بيزنطية وأطلق عليها اسم السيدة العذراء نسبةً للسيدة مريم ولكن الطبيعة القاسية أيضاً جارت عليها وتحوّلت الكنيسة إلى ركام.

هي ثاني أهم مغارة بعد مغارة أفقا ولكنّها للأسف لم تحظى بالاهتمام اللازم كي يستطيع الزائر الدخول إليها
مغارة سالم:
هي ثاني أهم مغارة بعد مغارة أفقا ولكنّها للأسف لم تحظى بالاهتمام اللازم كي يستطيع الزائر الدخول إليها. هي مغارة صخرية كبيرة محفورة داخل الجبل تحتوي على نبع وغرف كثيرة في قلبها. لكن أمام المغارة يوجد أتربة تشكّل عائق أمام الناس وتمنعهم من الدخول هذا بالإضافة إلى أنّ حتى يومنا هذا لا يوجد طريق آمنة كي يستطيع الزائر الصعود إليها ولا يوجد طريق للسيارات أيضاً لذلك يناشد أبناء البلدة وزارة السياحة كي يقوم برسم خريطة طريق لتحظى هذه المغارة بزيارة السائحين.
معبد النبي هدوان:
هو معبد ديني قديم موجود منذ آلاف السنين في أعالي بلدة أفقا و يعود للنبي هدوان أو هاد. هو مبنى حجري يعلوه قبّة خضراء اللون ويحتوي على مقام النبي هدوان بالإضافة إلى بعض أغراضه الشخصية مثل الثياب. يقصد المعبد الكثير من الناس من مختلف الأراضي اللبنانية كي يأخذوا البركة من روح النبي هدوان.

تسيطر المساحات الخضراء على حوالي ٦٠٪ من المساحة الإجمالية للبلدة
الزراعة في بلدة أفقا:
تسيطر المساحات الخضراء على حوالي ٦٠٪ من المساحة الإجمالية للبلدة. تملأ الكثير من الأشجار الجردية هذه المساحات وتشكّل الغذاء الأساسي للنحل الذي يتم تربيته في أفقا. تعدّ شجرة اللزاب والعفص والدردار من أبرز هذه الأشجار الحرجية هذا بالإضافة إلى النباتات والأزهار البرّية مثل الزعتر البرّي. بفضل ارتفاع البلدة عن سطح البحر وتفاوت هذا الارتفاع بين ألف وألفين متراً اشتهرت بلدة أفقا بزراعة العديد من الفاكهة الجردية مثل التفاح والكرز والإجاص وهي فاكهة اختصّت بها بلدة أفقا وتميّزت بها بفضل المياه الصافية الباردة التي يتم ري الأشجار منها.
منتجات البلدة الطبيعية اليدوية:
بفضل تنوع المزروعات والمحاصيل الزراعية في البلدة، استطاع أبناء أفقا ونسائها أن يقوموا بإنتاج ألذ المونة اللبنانية البلدية مثل تحضير المربّى على مختلف الطعمات والنكهات كالكرز والتفاح والإجاص. هذا بالإضافة إلى إنتاج الخل و حامض الحصرم. كما يتم تربية النحل الذي يتغذّى من النباتات البرية بدون إطعامه أي نوع من السكر الأمر الذي يجعل العسل ذو جودة عالية و نكهة أصلية لا مثيل لها.