بعلبك ، مدينة الشمس في لبنان !

تملأ لبنان الكثير من الثروات الكنوز التي تجعله ذو طابع سياحي وطبيعي فريد من نوعه. تعتبر مدينة الشمس هي واحدة من المعالم الأثرية التاريخية التي تزيّن لبنان عامة وقضاء بعلبك خاصة. فهي معلم يحمل في هياكله إرث ثمين من مختلف الحقبات والعهود. سميّت هذه القلعة بعلبك نسبة لكلمة بعل الذي يرمز إلى إله الشمس.

موقع بعلبك وتاريخها:

تقع بعلبك على مفترق القوافل القديمة التي كانت صلة وصل بين ساحة المتوسط و بر الشام وبين شمال سوريا و فلسطين. بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي وأهميتها الزراعية تم تحويلها إلى مستعمرة على يد الامبراطور يوليوس قيصر في فترة الأربعينيات قبل الميلاد. تم بناء فيها أكبر الهياكل التي أظهرت عظمة العمارة الرومانية وروعتها.

موقع قلعة بعلبك:

تتمركز قلعة بعلبك على تلّة مصطنعة بناها الرومان في الألف الثالث قبل الميلاد. أصبحت التلّة جاهزة بعد بناء نفقين وردم المساحة التي تفصلهما. استغرق بناء القلعة ٢٥٠ سنة أي المدّة التي تمثّل فترة حكم الرومان كلّها قبل أن تعتنق الدولة ديانة المسيحية. لم يستطع الرومان إكمال إنشاء القلعة وإنهاء الأعمال فيها ويظهر هذا الأمر في أنفاق القلعة.

هندسة وتقسيم قلعة بعلبك:

تمتد القلعة على مساحة ١٥ ألف متر مربّع. جمع هذا الموقع الأثري بين مختلف الحضارات التي مرّت به ابتداءاً من العهد الفينيقي، البيزنطي، الروماني وصولاً إلى العرب.

تتألّف القلعة من ثلاثة هياكل أساسية، الكثير من الأعمدة ، قلعة، كنيسة، مسجد وآلاف الحجارة الكبيرة التي تتوزّع في ساحات القلعة.

عند مدخل الموقع الأثري نجد درجاً يؤدي إلى المدخل الصرحي الذي يشكّل باحة مستطيلة أقيم على أطرافها برجين يجمع بينهما رواق يتألّف من ١٢ عمود من الجرانيت مزيّنة بقواعد وتيجان مزخرفة مغلّقة بمادة البرونز والذهب منذ القرن الثالث.

بعلبك

تملأ لبنان الكثير من الثروات الكنوز التي تجعله ذو طابع سياحي وطبيعي فريد من نوعه

تأتي الساحة المسدسة التي أنشأها “أبولودور الدمشقي” بعد المدخل الرئيسي. هندسها على الشكل المسدّس الجديد الذي لم يكن معروفاً في العمارة اللاتينية التي كانت تهندس أشكال مربعة أو مستطيلة فقط. تتميّز الساحة المسدسة بأربع مشكاوات كانت تضمّ التماثيل الرومانية التي دمّرت عند اعتناق الدولة الديانة المسيحية.

يتم العبور من الباحة المسدسة إلى الباحة الكبرى لمعبد “جوبيتر”. تمتد الباحة الكبرى بطول ١٣٤ متر وعرض ١١٢ متر. تحيط بالباحة أروقة و ١٢ إيوان مستطيلة ونصف دائرية الشكل مخصصة لإقامة طقوس العبادة تزيّنها مشكاوات كانت تضم التماثيل الرومانية التي تم تدميرها. يتوسط الساحة الكبرى مبنيان كبيران اللذان يتمثّلان بالمذبح الكبير والمذبح الصغير لتقديم الأضحية. بالإضافة إلى وجود عمودين كبيرين واحد من الجرانيت الأحمر والآخر من الجرانيت الرمادي أحضروا من مصر كقطعة واحدة مزينة من الأعلى برأس الآلهة. بالقرب من العمودين نجد حوضين للمياه كانت تستخدم للوضوء والتطهر قبل الصلاة. في القرن الخامس تم إنشاء كنيسة مكان المذبحين على يد الإمبراطور ” ثيودوسيوس” ولكن لم يبقى منها سوى بلاطة حجر كانت توضع على مدخل الكنيسة تحمل شكل الصليب عليها. .

قلعة بعلبك

تمتد القلعة على مساحة ١٥ ألف متر مربّع.

معلومات أكثر:

كان الكهنة فقط يدخلون إلى معبد جوبيتر تحديداً إلى قدس الأقداس  من خلال الصعود على درج ضخم. يبلغ طول معبد جوبيتر ٨٨ متراً ويبلغ عرضه ٤٨ متراً وهو أكبر هيكل روماني في العالم. يقوم المعبد على مصطبة من الأحجار التي ترتفع ٢٠ متراً عن الأرض الرومانية وسبع أمتار عن الباحة الكبرى. يحيط المعبد الكبير رواق مؤلف من ٥٤ عمود. يعلو الأعمدة  إفريز من الزخرفة ورؤوس الثيران والأسود انهارت معظمها ولم يبقى منها سوى ٦. تعدّ هذه الأعمدة الست أطول أعمدة في العالم حيث يبلغ طولها ٢٢ متراً لذلك خضعت للترميم من قبل الدولة الإيطالية التي قامت بترميم الأعمدة من الجانب الأعلى خاضة  الذي يعنى بالتيجان بالاتفاق مع المديرية العامة للآثار.

المعبد الصغير باخوس:

مازال المعبد صامد و موجود إلى يومنا هذا رغم الزلازل التي ضربت قلعة بعلبك. يتألف المعبد من عدّة أعمدة متراصفة إلى جانب بعضها كأنها عمود واحد. تتميّز أعمدة معبد باخوس إله الخمر بشكلها الفريد حيث تضيق من قاعدتها ثم يتوسع عرضها من الوسط ثم يضيق من جديد من الأعلى. يتم الصعود إلى المعبد من خلال درج مؤلف من ٣٣ درجة. تملأ معبد باخوس الزخارف المتنوعة التي ترمز كل واحدة منها إلى أمر معين. على سبيل المثال ترمز زخرفة عناقيد العنب إلى النبيذ، القمح يرمز إلى الخبز والزهور والكؤوس والنساء ترمز إلى الحفلات التي كانت تقام في المعبد.

شهد معبد جوبيتر وباخوس ابتداءاً من العام ١٩٥٦ الكثير من الحفلات الموسيقية الضخمة التي  لقّبت ب “مهرجانات بعلبك الدولية” و ضمّت مختلف  الفنانين اللبنانيين والعرب والأجانب أيضاً.

متحف بعلبك

مازال المعبد صامد و موجود إلى يومنا هذا رغم الزلازل التي ضربت قلعة بعلبك.

التدخّل العربي في القلعة:

في عام ١٧٥٩ ضرب زلزال منطقة بعلبك وأثّر على هياكلها وأعمدتها. قام العرب والمماليك بترميم المكان وبناء القناطر والحجران العالية فوق الأعمدة الرومانية.

في القرون الوسطى حوّل العرب الموقع الأثري إلى موقع عسكري وأقاموا قلعة فيه فأغلقوا الأبواب ورفعوا الجدران بالحجارة الضخمة. جهّزوا القلعة بالطلقات لرمي الأسهم ووضعوا حجارة استحكام فوق كل باب من أبواب القلعة يتم صبّ الزيت المغلي أو الماء الساخن على كل من يحاول الدخول إلى القلعة.

في الجهة الجنوبية الغربية للقلعة نجد برج أيوبي يتألّف من ثلاثة طوابق بني على يد حاكم بعلبك بهرام شاه. خلف البرج نرى حائط مملوكي بني على يد الظاهر بيبرس و مسجد يعود إلى حقبة السلاجقة تم بناؤه على اسم النبي إبراهيم وقد تم توسيعه في عهد الأيوبيين. عند الجانب الجنوبي الشرقي لمعبد باخوس برج مملوكي ذو مدخل مزخرف. كان البرج مقرّاً لحاكم بعلبك لكنّه أصبح يضمّ متحفين. المتحف الأول في الطابق الأرضي مخصص بالعادات المدفنية والثاني في الطابق الأعلى يعنى بالفترة الإسلامية.

معبد فينوس:

يقع المعبد خارج موقع القلعة ولكنه يعتبر جزء أساسي منها. يتميّز هذا المعبد بهيكل مستدير تم بناؤه في القرن الثالث. في عهد البيزنطيين تم تحويل المعبد إلى كنيسة على اسم القديسة تدعى بربارة وهي تعتبر شفيعة مدينة بعلبك وتم ترميمه في سنة ٢٠١٧.

حجر القبلة:

إنه أحد مقالع الحجر الذي بقي من الحقبة الرومانية استعمل في بناء القلعة. لم يبقى منه سوى أحجار عديدة. أحد هذه الأحجار  هو حجر ضخم يعتبر الحجر المنحوت   الأكبر في العالم حيث يبلغ طوله ٢١ متراً وعرضه أربعة أمتار وربع ويقدّر وزنه ١٢٠٠ طن.

مهرجانات

في عام ١٩٩٨ تم افتتاح المتحف الثالث في الموقع. يضمّ هذا المتحف الآثار البيزنطية والرومانية التي وجدت في القلعة

المتحف الثالث:

في عام ١٩٩٨ تم افتتاح المتحف الثالث في الموقع. يضمّ هذا المتحف الآثار البيزنطية والرومانية التي وجدت في القلعة. بالإضافة إلى وجود صور ورسومات تم رسمها للموقع الأثري والقلعة على يد رسامين قدامى.