عانوت، بلدة المغاور والمقامات الدينية!
هي بلدة تضمّ في أحضانها أكبر وأقدم أشجار السنديان والملّول. هي بلدة المقامات الدينية التي ظلّت ذكرى دخول الحكّام المسلمين إلى عانوت منذ ٨٥٠ سنة، هي بلدة المغاور السياحية التي تستحق أن تحظى بالاستكشاف والزيارة من قبل الجميع، هي بلدة العيون التي تروي الأراضي وتأمّن حاجة المياه إلى أبنائها، هي بلدة البيوت التراثية والمتحف الأثري الذي يعكس حبّ أبنائها للتاريخ والماضي العريق. إنّ هذه البلدة هي بلدة عانوت الجميلة !
موقع بلدة عانوت:
يقع بلدة عانوت في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. ترتفع البلدة عن سطح البحر بين ٦٥٠ و ٨٥٠ متراً. تمتدّ عانوت على مساحة ٧٩٠ هكتار أي ما يعادل ٧،٩ كيلو متر مربّع. تبعد البلدة عن عاصمة لبنان بيروت ٤٥ كيلومترًا فيما تبعد عن بيت الدين مركز قضاء الشوف ١٦ كيلومترًا وهي عضو من اتحاد بلديات إقليم الخرّوب الشمالي.
معنى اسم بلدة عانوت:
انقسمت التفسيرات التي تشرح معنى اسم بلدة عانوت إلى قسمين. القسم الأول من الشروحات يقول أنّ عانوت هي كلمة من اللغة السريانية. وهي تنقسم إلى كلمتين عين و نوت وتعني العيون والينابيع الكثيرة. أمّا القسم الثاني فهو يردّ اسم البلدة إلى اللغة الفينيقية وتعني المنازل والمساكن. لا يمكن اختيار معنى واحد فقط للبلدة لأنّ الاسمين ينطبقان على عانوت فهي كثيرة العيون والينابيع ومرّت عليها الحضارة الفينيقية وتركت فيها أثر كبير أيضاً.

عانوت. تقع البلدة في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. ترتفع البلدة عن سطح البحر بين ٦٥٠ و ٨٥٠ متراً.
محمية عانوت الطبيعية ومقام الشيخ عثمان:
هي غابة من أكبر غابات السنديان في لبنان حيث تتعدّى مساحتها ٣٠ ألف متراً. تحتوي الغابة على أكثر من ٤٠٠ شجرة سنديان ويتجاوز عمر كل شجرة ٤٠٠حوالي سنة. توجد شجرتي سنديان يفوق عمرهما ٦٠٠ سنة وشجرة ملّول معمّرة تعتبر الأكبر في لبنان حيث يبلغ عمرها ٩٠٠ سنة. إنّ شجر السنديان يملأ الغابة بنوعين اثنين كاليبرونوس والكرمس. بالإضافة إلى أهمية المحمية من خلال اعتبارها ملاذ الطيور والنحل إلّا أنّها تتميّز بوجود مقام الشيخ عثمان في أعلاها الأمر الذي أعطاها أهمية سياحية وبيئية ودينية في الوقت عينه. هو مقام ديني روحي لأحد أولياء الله الصالحين يدعى الشيخ عثمان وهو يحظى بزيارة الكثير من الناس من مختلف بقاع الأرض. يمتدّ المقام على مساحة ١٠٠ متر مربّع وهو مقام ذو قبّة واحدة تقع بالقرب منه مدافن لأولياء صالحين آخرين دفنوا إلى جانب الشيخ عثمان.
المسجد القديم في عانوت:
يعتبر المسجد من أقدم المساجد في عانوت حيث يبلغ عمره من ٥ إلى ست قرون. تم ترميم المسجد منذ ١٨ سنة أي في عام ٢٠٠٤ بمساعدة من زوجة الرئيس السابق رشيد الصلح عايدة الصلح. يمتدّ على مساحة ٢٠٠ متر مربّع وهو مصنوع من الحجر القديم بأكمله. يتألّف المسجد من ٤ قبب داخلية وقبّة على السطح مصنوعة من الحجر القديم وهي جعلت منه مسجد مميّز عن باقي المساجد في المنطقة.
مقام الشيخ جندل والشيخ كبّاس:
إنّ عانوت اشتهرت بوجود المقامات فيها. فبالإضافة إلى مقام الشيخ عثمان الذي يقع في وسط غابة السنديان يمكننا زيارة مقام الشيخ جندل الذي يمتدّ على مساحة ٣٠ متر مربّع وهو يقع في أول البلدة. أمّا مقام الشيخ كبّاس فهو يقع في داخل البلدة ولا يمكن الوصول إليه سوى عن طريق رجل دون استخدام السيارة. جميع هذه المقامات هي لرجال صالحين زاروا بلدة عانوت واتّخذول لهم فيها عقارات صغيرة على شكل غرف بقيت على اسمهم ودفنوا فيها.

هي بلدة العيون التي تروي الأراضي وتأمّن حاجة المياه إلى أبنائها
البيوت التراثية في عانوت:
ما زالت بلدة عانوت مثل معظم البلدات اللبنانية تسعى للمحافظة على إرثها التراثي. ألا وهو البيوت التراثية القديمة التي تعتبر مكوّن أساسي من مكوّنات البلدة اللبنانية النموذجية الأصيلة. نجد في عانوت بيوت تراثية عديدة يبلغ عمر بعضها ٣٠٠ سنة والبعض الآخر ما لا يقلّ عن ١٥٠ سنة.
.تتّسم هذه البيوت بالحجر الأثري القديم وهي بيوت عقود. وبيوت أنبوب يمتلك كلّ منزل منها بئر مياه خاص فيه يدلّ على الاكتفاء الذاتي. إنّ حبّ الأهل والأجداد لهذه العمارة العريقة زرع في نفوس الأحفاد الحبّ عينه الذي تُرجِم في تصاميم منازلهم في يومنا التي أسست على الطريقة التقليدية. من خلال القرميد الأحمر والحجر مع زيادة النقوش والزخارف الجميلة. عند ذكر البيوت التراثية لا يمكننا غض البصر عن مجهود المهندس في إحياء التراث البلدي من خلال مشروعه الثقافي بإقامة متحف. يحتوي على كل ما يمكن للإنسان أن يتخيّله عند سماع كلمة تراث ومهن قديمة تقليدية كان يمارسها الأجداد. يهدف المهندس إلى تشجيع الشباب اليوم على تجميع هذه القطع في منازلهم لأنّ الإنسان الذي لا يقدّر و لا يحتفظ بماضيه العريق لا يعرف الحاضر والمستقبل.
ينابيع بلدة عانوت:
تعدّ بلدة عانوت بلدة مليئة بالعيون والينابيع إذ أنّها تحتوي على أكثر من عشر عيون وينابيع تشكّل مصدر المياه الأساسي لأبناء البلدة وبساتينها ومحميتها الطبيعية. أبرز وأهم هذه العيون هي عين بطنة التي تتميّز بقنطرة أثرية وتوزّع المياه على حوالي ٤٠ ألف متر مربّع. عين فريشون التي كان يشرب منها أبناء البلدة ويقصدها الناس من مختلف المناطق. عين بسير التي ما زالت تسقي البساتين حتى اليوم وعين زهير المتخصصة بري المساحات الحرجية.

. تبعد البلدة عن عاصمة لبنان بيروت ٤٥ كيلومترًا. فيما تبعد عن بيت الدين مركز قضاء الشوف ١٦ كيلومترًا وهي عضو من اتحاد بلديات إقليم الخرّوب الشمالي.
الزراعة في عاْنوت:
كانت بلدة عانوت تشتهر بزراعة القمح والشعير والعدس والحمص والخرّوب. ولكن مع توجّه معظم أبناء البلدة إلى العمل. وإهمال القطاع الزراعي أصبحت الزراعة في عانوت تعتمد على زراعة أنواع لا تحتاج إلى عناية مستمرّة بشكل متواصل مثل شجرة الزيتون والتين. إنّ ٩٠٪ من أشجار الزيتون الموجودة في عانوت. هي أشجار معمّرة و تنتج أجود أنواع الزيت بفضل ارتفاعها المتوسط والمعتدل عن سطح البحر.
مغاور وآثار بلدة عانوت:
تركت الحضارات التي مرّت على بلدة عانوت العديد من الآثار التي تتمثّل بالكهوف والمغاور والنواويس التي يتجاوز عمرها ألوف السنين. من أبرز المغاور هي مغارة المغوار المؤلفة من عدّة غرف مثل مغارة الهوّة وهي موجودة تحت سطح الأرض حوالي ١٢٠ متراً. لم يتم استكشاف ما في داخلها بشكل رسمي بسبب الحاجة إلى العتاد والأدوات ولكن تم التعاون مع اللجنة الوطنية للأبحاث الجيولوجية وتم تصنيفها على أنّها مغارة سياحية. كما تحتضن بلدة عانوت جسر أثري يتمركز فوق النهر ويقال أنّها كان يربط بين منطقة غريفة وبلدة عانوت.