قرطبا، صيدلية الطبيعة !
هي بلدة ساحرة من قضاء جبيل، هي بلدة تشتهر بإكرام الضيف من خلال استقباله بالساعة الشمسية، هي بلدة الزراعة التي ضجّت بزراعة التفاح اللذيذ، هي بلدة الأشجار الحرجية المتنوعة، هي بلدة المساحات الخضراء و الراحة النفسية التي يحتاج إليها الجميع. إنّ هذه البلدة هي قرطبا !
موقع بلدة قرطبا:
تقع بلدة قرطبا في قضاء جبيل وتنتمي إلى محافظة الشمال. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ١١٠٠ و ١٢٥٠ متراً. تمتدّ على مساحة ٩٠٠ هكتار أي ما يعادل ٩ كيلو متر مربّع وهي أكبر بلدة بعد مدينة جبيل. تبعد قرطبا عن عاصمة لبنان بيروت ٥٨ كيلومترًا وهي تطلّ على وادي نهر ابراهيم الأثري.

تمتدّ على مساحة ٩٠٠ هكتار أي ما يعادل ٩ كيلو متر مربّع وهي أكبر بلدة بعد مدينة جبيل
معنى اسم بلدة قرطبا:
تعدّدت التفسيرات التي تشرح اسم بلدة قرطبا. الفريق الأول يعتقد أنّ اسم قرطبا يرتبط بنبات القرطب الذي يعيش في أعالي الجبال البور. أمّاالقسم الثاني فيقول أنّ اسم قرطبا يأتي من بلاد الأندلس. أمّا الفريق الثالث فيعتبر أنّ كلمة قرطبا هي من أصل سرياني يعني البرد المعتدل وهو ينطبق على البلدة خاصةً أنّ مناخها معتدل وباقي بلدات قضاء جبيل يعود أصل اسمهنّ إلى اللغة السريانية.
ساعة قرطبا الشمسية:
فكّر أبناء البلدة كثيراً في موضوع مدخل البلدة وما الشيء الهادف الذي يجب وضعه دون الحاجة للصيانة والتعديل. وجدوا أخيراً أنّ مبدأ الوقت هو الأفضل حيث أنّ من مدخل البلدة إلى وسطها يوجد مسافة حوالي ١ كيلو متر مربّع. لذلك تم وضع رفيق الزائر الساعة الشمسية الأبدية التي تعمل على حركة دوران الأرض بواسطة محور مصنوع من ستانلس ستيل. تتميّز هذه الساعة أنّها بدون أي عقارب وهي ساعة صديقة للبيئة ولا تحتاج لأي نوع من الصيانة والتعديل وهي تعدّ دقيقة أكثر بكثير من الساعات العادية. فكرة هذه الساعة على مدخل البلدة هي أنّ الزائر يرى الوقت عند دخوله وخروجه وكلّما احتاج كما تذكّره هذه الساعة أنّه يجب عليه اغتنام الوقت في زيارة البلدة بأحسن طريقة.

هي بلدة ساحرة من قضاء جبيل
الزراعة في قرطبا:
توالت الزراعة في بلدة قرطبا على عدّة أزمان لكلّ منها موسم زراعي مميز عن غيره. اشتهرت قرطبا قديماً في زراعة العنب حيث أنّ الفينيقيون عرفوا بعملية عصر العنب الذي كان يزرع في قضاء جبيل. ثمّ في القرن التاسع عشر انتقلت قرطبا إلى زراعة التوت وتربية دودة القز من أجل إنتاج الحرير. كانت في قرطبا سبعة معامل حرير تقوم بإنتاجه وتصديره إلى الخارج خاصةً بلدة ليون الفرنسية. أمّ أربعينات القرن الماضي فقد أصبح تركيز الزراعة على التفاح الذي اكتسب شهرة واسعة في قضاء جبيل. انتشرت في قرطبا أكثر من ٢٥٠ ألف شجرة تفاح أحمر ذو اللون القاني على أثر الضباب الذي يحدث في آخر مرحلة نمو التفاح. بالإضافة إلى زراعة الدراق والكرز والإجاص وغيرها من الفاكهة الطازجة.
أحراج قرْطبا الخضراء:
تشكّل هذه الأحراج والمساحات الخضراء حوالي ٧٠٪ من مساحة البلدة وهي مساحة كبيرة تضمّ في أرجائها العديد من الأشجار الحرجية. تتنوّع هذه الأشجار بين السنديان والعفص والملول والصنوبر اللزاب الذي يعتبر شبه نادر خاصةً أنّه كان يستخدم بكثرة لتأسيس البيوت ذات السقف الترابي. ساهم المناخ المعتدل الجاف والتنوع البيولوجي في اعتبار هذه البلدة ملاذ لجميع الذين يعانون من أمراض الربو والحساسية. يمكن للزائر القيام بممارسة رياضة المشي و الهايكنج داخل هذه الأحراج لاكتشاف طبيعتها الجميلة.

هي بلدة الزراعة التي ضجّت بزراعة التفاح اللذيذ
تعاونية قرْطبا الخاصة بالمونة:
بالطبع مثل كل البلدات اللبنانية تقوم سيدات بلدة قرْطبا بإنتاج أجود أنواع المونة البلدية وبيعها إلى الزائرين. هي أصناف كثيرة يتم الاعتماد من خلالها على منتجات الزراعة مثل التفاح الذي يحضّرمنه دبس ومربّى ومشروب أيضاً. كما يتم إنتاج مربّى بأنواعه، ماء الورد، دبس الحصرم، ربّ البندورة، كشك، زعتر جبلي، سمّاق، ورق عريش، كبيس خيار وغيرها من الأصناف اللذيذة أيضاً. جميع ما ذكر يطبخ بعناية وحبّ سيدات البلدة دون أي مواد حافظة وملوّنات مضرّة.
السياحة الدينية في قرطبا:
لا تقتصر السياحة والمداواة في قرطبا على جمال الطبيعة فقط بل تتعدّى ذلك بالسياحة الدينية التي تملأ روح الزائرين سكينة وطمأنينة لا مثيل لها. تضمّ قرطبا في أرجائها ١١ كنيسة و دير أثرية ما زالت موجودة حتى يومنا هذا. من أقدم هذه الكنائس هي كنيسة مار سيرخيو و باخوس التي بنيت في عام ١٥١٧ وتم ترميمها في عام ١٨١٥. هي كنيسة أثرية ضخمة تتألّف من صالون كبير مصنوع من حجر وعقد وتحتوي على نقوش ولوحات رومانية قديمة. بالإضافة إلى كنيسة مار شلّيطا القديمة والتي ما زالت صامدة حتى اليوم ويتم الاحتفال فيها خلال عيد مار شليطا.
مهرجانات قرطبا:
من أبرز النشاطات والمهرجانات التي تنظّمها بلدة قرطبا هو المهرجان السنوي الصيفي. يتم التحضير لهذا المهرجان في آخر فصل الصيف لكي يكون ختام جميل وملفت. اليوم الأول يتضمّن حفلة غنائية أما اليوم الثاني فهو عبارة عن لوحات فنية من الرقص الفلكلوري والتمثيل وغيرها من النشاطات أيضاً. هذا المهرجان لا يتوجّه إلى فئة عمرية واحدة بل يحتوي على نشاطات للأطفال أيضاً وهو يقام في ساحة البلدة التراثية التي تتسع إلى عدد كبير من الناس والزائرين.