برجا الشوف، حكاية أصيلة من كتاب لبنان!
هي بلدة الحياكة وصناعة الحرير الفاخر، هي بلدة تغنّى بها و بآثارها إرنست رينان. هي بلدة زيت الزيتون الرجاوي ذو الجودة العالية، هي بلدة الثقافة والعلم الذي ينبع من مكتبتها العامّة، هي بلدة الألوان التي تفرح القلب والروح عند رؤيتها، هي بلدة المسجد القديم الأثري العمري. إنّ هذه البلدة هي بلدة برجا الشوف الجميلة !
موقع بلدة برجا الشوف:
تقع بلدة برجا في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. ترتفع البلدة عن سطح البحر ٣١٠ متراً. تمتدّ برجا على مساحة ٧٢٩ هكتار أي ما يعادل ٧،٢٩ كيلو متر مربّع. تبعد البلدة عن عاصمة لبنان بيروت حوالي ٣٠ كيلومترًا. هي إحدى قرى إقليم الخرّوب التي تقع غرب قضاء الشوف وتتمركز على ثلاث تلال.

، هي بلدة الثقافة والعلم الذي ينبع من مكتبتها العامّة، هي بلدة الألوان التي تفرح القلب والروح عند رؤيتها، هي بلدة المسجد القديم الأثري العمري. إنّ هذه البلدة هي بلدة برجا الشوف الجميلة !
معنى اسم بلدة برجا:
انقسم الناس والمؤرخين إلى فريقين في مسألة شرح اسم بلدة برجا الشوف. الفريق الأول ردّ اسم برجا إلى اللغة اليونانية وهو كان يلفظ طبرجيا taparchia والذي يعني عاصمة ومركز الحاكم. أمّا الفريق الثاني فقد اعتبر أنّ كلمة برجا هي عبار عن اشتقاق من كلمتين برّ اللجا ولكنّها اختصرت وأصبحت برجا وهي تعني أرض الملاذ.
ْالمدينة المدفنية في قصر أبو حنين في برجا:
تعتبر هذه المدينة من أهم الآثار الموجودة في برجا خاصةً ولبنان عامةً. تعود هذه المدينة إلى عام ٢٥٠ قبل الميلاد أي يبلغ عمرها حوالي ألفين و ٢٥٠ سنة وهي عبارة عن آثار رومانية قديمة. تتألّف هذه المدينة من نواويس وقبور ومغاور محفورة في الصخر تتميّز بالنقوش والرسوم والكتابات التراثية. تعود القبور إلى امبراطور وحكام رومان دفنوا في برجا منذ آلاف السنين وقد تمّ استخراج هياكل عظمية و قطع فخار كثيرة أثناء زيارة البعثة السياحية الثقافية. وقد حظيت هذه المدينة بزيارة المؤرخ والكاتب الفرنسي إرنست رينان الذي وصف هذه المدينة بأهم الآثار في لبنان وليس فقط برجا.

تعتبر هذه المدينة من أهم الآثار الموجودة في برجا خاصةً ولبنان عامةً.
جامع برجاْ الكبير:
إنّه من أبرز المعالم الدينية ومن أقدم المساجد في محافظة جبل لبنان. بالرغم من أنّ تاريخ بناء هذا المسجد ما زال غير معروفاً إلّا أنّه يعود إلى تاريخ العرب والمسلمين إلى هذه البلدة. يتميّز هذا المسجد بعمارته الجميلة التي تتألّف من أربعة عقود وقناطر أثرية وعدّة تفاصيل معمارية ترمز إلى الحضارات التي غزت برجا مثل المماليك والصليبيين. تم ترميم المسجد على يد أبناء البلدة في عام ٢٠٠٢ واستغرقت هذه العملية خمس سنوات حيث تمّ شراء عدّة عقارات لتوسعته وأزيل الكلس عن حجارته بالكامل. أطلق على هذا المسجد اسم المسجد العمري وهو يقع في وسط المنطقة القديمة في برجا التي تتّصف بالأحياء الأثرية والبيوت الحجرية الصغيرة. الملفت في هذا المسجد أنّ كل من كان إماماً وخطيباً فيه هم كانوا وجهاء البلدة وحكامها منهم رؤساء البلدية أيضاً.
الزراعة في برجا:
تشتهر بلدة برجاْ بالعديد من الزراعات التي تعتبر مكوّن أساسي في البلدة وهوية من هوّياته. تعتبر زراعة الزيتون من أهم الأمور التي يتم زراعتها في برجا فيعتمد أبناء البلدة. على مقولة “الزيت هو ركن البيت” أي إذا وجد في المنزل تأمّن كل شيء وكانت البلدة تنتج حوالي ٨٠٠٠ كعب من زيت الزيتون باستخدام المعاصر التقليدية. تميّزت أشجار الزيتون في برجا أنّها لا تحصل على الكثير من المياه وأنّ تربة أراضيها بعلة مما يجعلها ذات جودة أعلى. بالإضافة إلى زراعة الخرّوب بكثرة حيث كانت البلدة تصدّر ٤٠ شاحنة من الخرّوب إلى باقي المناطق اللبنانية والخارج. ولا يمكننا أن ننسى اللوزيات والتين والمشمش والإجاص والعنب. أمّا بالنسبة للحبوب إنّ برجا لم تعرف للمجاعة معنى بفضل كميات القمح التي كانت تزرعها في أراضيها وتخبّأها لأوقات الحاجة.

تتألّف هذه المدينة من نواويس وقبور ومغاور محفورة في الصخر تتميّز بالنقوش والرسوم والكتابات التراثية.
زراعة التوت و حرفة الحياكة في برجا:
بالإضافة إلى كلّ ما ذكر من المزروعات التي اشتهرت بها بلدة برجا. لا يمكننا عدم تسليط الضوء على واحد من أهم العوامل. التي طوّرت من الوضع الإقتصادي وحسّنته بدرجة عالية. إنّ زراعة التوت وتربية دودة القزّ ساهم في تشجيع مهارة وحرفة الحياكة لدى أهالي برجا. ازدهرت حياكة النسيج والحرير بعد قدوم الأمير فخر الدين. من توسكانا وخلال الحرب العالمية كان كل أبناء بلدة برجا يعملون في هذه الحرفة. وصل صيت الحياكة البرجاوية إلى جميع المناطق اللبنانية والعديد من بلاد أوروبا مثل إيطاليا التي تم عقد اتفاقية معها لتصدير الحرير والشراشف البرجاوية إليها. كما أنّ أسعد الفغالي شحرور الوادي قد تغنّى في حياكة بلدة برجا وقال” إن خيّرتوني بالمطلوب، وإن جبتوا لي الطبق المرغوب، بدلة من حياكة برجاْ ولا حلّة يوسف يعقوب! “
برجْا بالألوان:
انطلقت هذه الفكرة من شباب بلدة برجْا وفنّانها نبيل سعد الذي قام برسم بلدة برجاْ على لوحات كبيرة ولكنّه لم يكتفي بذلك وأراد إدخال روح الفنّ على أرض الواقع في البلدة. تجسّدت هذه الفكرة من خلال دهن البيوت التي تعرّضت للدمار بسبب الزلزال الذي ضربها بالألوان الزاهية التي تعكس طابع الفرح للبلدة.
ْالعيون في برجا:
كانت بلدة برجاْ تتألّف من ثلاثة أحياء تلتف حول عين الساعة العين الأساسية في البلدة. هذه الأحياء هي حيّ العين وحيّ المسجد و حيّ البيدر التي تتمركز على ثلاثة تلال تطلّ على البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى عين برجاْ الأساسية توجد عين الصغير وعين وادي قصب و نبع وادي عمريم. تعتبر برجاْ بلدة عائمة على المياه لقربها من الشاطئ فإذا حفرنا ٢٠٠ متراً تنبع المياه الجوفية.

تجسّدت هذه الفكرة من خلال دهن البيوت. التي تعرّضت للدمار بسبب الزلزال الذي ضربها بالألوان الزاهية التي تعكس طابع الفرح للبلدة.
المكتبة العامّة في برجْا:
إنّه مركز المطالعة والتنشيط الثقافي في برجاْ وهي مؤسسة مشتركة بين وزارة الثقافة اللبنانية والوكالة الوطنية الفرانكوفونية. هي من بين مئة مركز ثقافي للمطالعة في لبنان وبين ٤٤ مكتبة فيه. تمّ إنشاء المكتبة من أجل نشر الوعي الثقافي وتشجيع الناس على القراءة والبحث. هي مكتبة مجانية يمكن لأي إنسان الاستفادة منها. من خلال استعارة الكتب والقراءة داخلها واستخدام الحواسيب المرفقة بالانترنت والمشاركة في نشاطاتها الداخلية والخارجية التي تقام في حديقتها. تفتح المكتبة كل يوم ماعدا نهار الأحد وهي مستعدّة لاستقبال الجميع خاصةً هواة المطالعة والباحثين عن العلم والمعلومات الثقافية.